للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلَى أنفه وجبهته، واحتج من قَالَ: يجزئه السجود عَلَى جبهته بأن قَالَ: إنما أمر الساجد أن يمس من وجه الأرض ما أمكنه إمساسه محاذيًا بها القبلة ولا شيء من وجه ابن آدم يمكنه إمساسه منه غير أنفه وجبهته، فإذا سجد عليهما فقد فعل أكثر ما يقدر عليه فإن قصر من ذَلِكَ وسجد عَلَى جبهته دون أنفه فقد أدى فرضه، وهذا إجماع من جمهور الأمة.

وفي الحديث أن المصلي في الطين يسجد عليه، وهذا عند العلماء إِذَا كان يسيرا لا يمرث وجهه ولا ثيابه، ألا ترى أن وجهه كان سالمًا من الطين وإنما كان منه شيء عَلَى جبهته وأرنبته، فإذا كان كثيرًا فالسنة فيه ما روى يعلق بن أمية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى إيماءً عَلَى راحلته في الماء والطين (١)، وبه قال أكثر الفقهاء.

واختلف قول مالك فيه، فروى أشهب عنه أنه لا يجزئه إلا النزول ويسجد عَلَى الأرض عَلَى حسب ما يمكنه استدلالًا بحديث أبي سعيد.

وقال ابن حبيب: مذهب مالك أنه يومئ، إلا عبد الله بن عبد الحكم فإنه كان يقول: يسجد عليه، ويجلس فيه إِذَا كان لا يعم وجهه، ولا يمنعه من ذَلِكَ إلا إحراز ثيابه. وقال ابن حبيب: وبالأول أقول؛ لأنه أشبه بيسر الله في الدين وأنه لا طاعة في تلويث الثياب في الطين وإنما يومئ في الطين إِذَا كان لا يجد المصلي موضعًا نقيًّا من الأرض يصلي عليه فإن طمع أن يدرك موضعًا نقيًا قبل خروج الوقت لم يجزئه الإيماء في الطين (٢).


(١) رواه الترمذي (٤١١) كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في الصلاة على الدابة في الطين، وقال: حديث غريب، وأحمد ٤/ ١٧٤، والطبراني ٢٢/ ٣٥٦ (٦٦٣)، والدارقطني ١/ ٣٨٠ - ٣٨١ كتاب: الصلاة، باب: صلاة المريض لا يستطيع القيام والفريضة على الراحلة، والبيهقي ٢/ ٧ كتاب: الصلاة، باب: النزول للمكتوبة، وقال الألباني في "ضعيف الترمذي": ضعيف الإسناد.
(٢) انظر: "النوادر والزيادات" ١/ ٢٥٣ - ٢٥٤.