للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دلت التسليمة الواحدة عَلَى ذَلِكَ، وإن كان في التسليمتين كمالًا فقد مضى العمل بالمدينة في مسجده - صلى الله عليه وسلم - عَلَى تسليمة واحدة فلا تجب مخالفة ذَلِكَ.

وذكر الطبري بإسناده إلى أنس قَالَ: صليت خلف علي بن أبي طالب فسلم واحدة، ذكره ابن أبي شيبة (١). قَالَ الطبري: والقول في ذَلِكَ أن يقال: كلا الخبرين الواردين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يسلم واحدة وثنتين صحيح، وأنه كان من الأمور التي كان يفعل هذا مرة وهذا مرة، يعلم بذلك أمته أنهم مخيرون في العمل بأي ذَلِكَ شاءوا، كرفعه يديه في الركوع والرفع منه وتركه ذَلِكَ مرة أخرى، وبجلوسه في الصلاة على قدمه اليسرى ونصبه اليمنى فيها مرة، وإفضائه بإليتيه إلى الأرض، وإدخاله قدمه اليسرى تحت فخذه اليمنى مرة، في أشباه ذَلِكَ كثيرة.

وعند الشافعية قول آخر: أنه إن كان منفردًا أو في جماعة قليلة ولا لغط عندهم، فتسليمة وإلا فثنتان (٢). وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - سلم ثلاثًا، وهي معلولة. وعن مالك في "الواضحة": يسلم الفذ تسليمتين. وقد قَالَ مالك: يأخذ في خاصة نفسه (٣). وقال عمار بن أبي عمار: كان مسجد الأنصار يسلمون فيه تسليمتين، وكان مسجد المهاجرين يسلمون فيه تسليمة واحدة لا يردون عَلَى الإمام (٤). واعتذر في "المحيط" فقال: لما كانت التسليمة الثانية أخفض من الأولى خفيت


(١) "المصنف" ١/ ٢٦٧ كتاب: الصلوات، باب: من كان يسلم تسليمة واحدة.
(٢) انظر: "المجموع" ٣/ ٤٥٨.
(٣) انظر: "المنتقى" ١/ ١٦٩.
(٤) انظر: "الأوسط" ٣/ ٢٢٣، "المجموع" ٣/ ٤٦٣.