للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قُلْتُ: ولا يقدح ذَلِكَ إِذَا كان الراوي عنه ثقة عند الجمهور خلافًا للكرخي.

و (أبو معبد) اسمه: نافذ -بالذال المعجمة- مات سنة أربع أو تسع ومائة (١)، والحديث دال عَلَى ما ترجم له.

ووجهه تقريره - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكَ من غير تكبر منه، وان نقل عن مالك وعبيدة أنه محدث، فالسلف عَلَى خلافه.

ووجه الجهر التعليم، ثمَّ ظاهره المداومة.

قَالَ الشافعي: وأختار للإمام والمأموم أن يذكر الله تعالى من الفراغ من الصلاة ويخفيان ذَلِكَ، إلا أن يقصدا التعليم فيعلما ثمَّ يسرا (٢)، وفيه أنه لم يكن يسمع جهر الصوت بتبليغ السلام، والذكر أعم من التكبير وغيره، وإنما لم يحضر ابن عباس الجماعة لصغره.

وقول ابن عباس: (إن رفع الصوت بالذكر .. ) إلى آخره يدل أنه لم يكن يفعل ذَلِكَ الصحابة حين حدث ابن عباس به، إذ لو كان يفعل ذَلِكَ الوقت لم يكن، لقوله: (إن ذَلِكَ كان عَلَى عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). معنى، وهذا كما كان أبو هريرة يكبر في كل خفض ورفع، ويقول: أنا أشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فالتكبير إثر الصلاة، مثل هذا مما لم يواظب الشارع عليه طول حياته، وفَهِمَ أصحابه أن ذَلِكَ ليس بلازم فتركوه؛ خشية أن يظن أن من قصر علمه أنه مما لا تتم الصلاة إلا به، فلذلك كرهه من كرهه من الفقهاء؛ قاله ابن بطال (٣).


(١) نافذ أبو معبد، حجازي، من أصدق موالي ابن عباس، انظر: "الطبقات" ٥/ ٢٩٤، "التاريخ الكبير" ٨/ ١٣٢ (٢٤٥٥)، "الجرح والتعديل" ٨/ ٥٠٧ - ٥٠٨ (٢٣٢١)، "الثقات" لابن حبان ٥/ ٤٨٤.
(٢) "الأم" ١/ ١١٠.
(٣) "شرح ابن بطال" ٢/ ٤٥٨.