ومراعاة هذِه الاختلافات بين النسخ عند الشرح أمر لا بد منه، فأحيانا يشرح المصنف لفظة بناء على ما ثبت عنده في روايته، في حين نجد أن هذِه اللفظة ليست في النسخة المعتمدة لكتابة نص صحيح البخاري.
وهذا الأمر نجده جليًّا في طبعة "فتح الباري" لابن حجر، حيث يظن المطالع للكتاب من أول وهلة أن النص الذي يعقبه الشرح هو الرواية التي وقعت لابن حجر العسقلاني، واعتمدها في شرحه، وهي رواية أبي ذر الهروي (٤٣٤) عن شيوخه الثلاثة (المستملي والكشميهني والسرخسي) ولكن الواقع غير ذلك حيث أن النص المثبت هو تلفيق من عدة روايات ولذا كثيرًا ما نجد ابن حجر يشرح ويحرر لفظة لا توجد في النص المثبت ناهيك عن أن تكون الرواية المقابلة في نفس اللفظة.
وتحرير لفظ الصحيح بما يتوافق مع رواية المصنف -وهي رواية أبي الوقت، عن الداودي، عن الحموي، عن الفربري، عن البخاري (١) - أمر هام ليتم إخراج الكتاب بصورة مرضية ولذلك أثبتنا نص البخاري من نص "اليونينية"(ونقصد باليونينية الطبعة السلطانية) الذي حرره شرف الدين اليونيني (٦٢١ - ٧٠١) عن أبي ذر الهروي وغيره من رواة الصحيح، والمطبوع بأمر السلطان عبد الحميد الثاني سنة ١٣١١ هـ.
وحاولنا أن نراعي اختلاف الروايات في متن المصنف وأثبتنا روايته قدر المستطاع، وربما أشرنا إلى اختلافها عن رواية اليونيني ونبهنا على ذلك في الحاشية، وذلك من خلال الشروح والكتب التي اهتمت