للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإلا فإلى خشبة للاتباع، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب إلى جذع قبل اتخاذه، فلما صنع تحول إليه كما ساقه في الباب.

ويكره المنبر الكبير جدًا الذي يضيق على المصلين إذا لم يكن المسجد متسعًا، وسلف في باب: الصلاة في السطوح والمنبر، الكلام عليه، وعلى من عمله، ومن أي شيء كان فراجعه (١). وفيه علم عظيم من أعلام نبوته، ودليل على صحة رسالته، وهو حنين الجماد، وذلك بأن الله تعالى جعل للجذع حياة حيى بها، وهذا من باب الأفضال من الرب الذي يحي الموتى بقوله: كن.

وذكر ابن العربي في كتابه "أنوار الفجر"، وذكر فيه ألف معجزة لنبينا وأنها على قسمين: منها ما هو في القرآن وهو تواتر، ومنها ما نقل آحادًا، ومجموعها خرق العادة على يديه على وجه لا ينبغي إلا لنبي بتحد أو لولي تكرمة له، إن حنين الجذع اليابس وأنينه أغرب من اخضراره وإثماره، فإن الإثمار والاخضرار يكونان فيه بصفة، والحنين والأنين لا يكونان في جنسه بحال، وإنما حنت على فقد ما كانت تأنس به من الذكر، وخُصت به من الشرف والبركة.

وفيه كلام ما لا يعرف له الكلام من الجمادات وشبهها، إذا أتانا ذلك من طريق النبوة كانت هي آية معجزة أراد الله تعالى أن يريها عباده؛ ليزدادوا إيمانا، وما جرى على مجرى الإعجاز فهو خرق العادات، وأما نحن فلا يجوز كلام الجمادات إلينا، كذا قاله ابن بطال في البيوع في باب: النجار (٢)، ويجوز أن يقع ذلك منا على


(١) راجع شرح حديث (٣٧٧).
(٢) "شرح ابن بطال" ٦/ ٢٢٧.