وقال الحسن بن حَيّ: يكبر مكان كل ركعة تكبيرة. وقد سلف.
وأما أئمة الفتوى فلا يجزئ عندهم التكبير عن الركوع والسجود؛ لأن التكبير لا يسمى بركوع ولا سجود، وإنما يجزئ الإتيان بأيسرهما، وأقل الأعمال الثابتة عنها الإشارة والإيماء الدال على الخضوع لله تعالى فيهما.
قَالَ الأصيلي: ومعنى (قول أنس: فلم يقدروا على الصلاة): فإنهم لم يجدوا السبيل إلى الوضوء من شدةِ القتال، فأخروا الصَّلاةَ إلى وجود الماء، ويحتمل أن يكون تأخيره - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق حَتَّى غربت؛ لأنه لم يجد السبيل إلى الوضوء.
وقوله:(لَمْ يُصَلِّ إلاَّ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ). قَالَ خليفة بن خياط في "تاريخه": حدَّثَنَا ابن زريع، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس، قَالَ: لم نُصَلِ يومئذِ الغداة حَتَّى انتصف النهار. قَالَ خليفة: وذلك في سنة عشرين.
وقوله:(مَا يَسُرُّنِي بِتِلْكَ الصَّلَاةِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) وفي رواية خليفة: الدنيا كلها. بمعنى: أنهم أتوا بها في وقتها لم يفرطوا، ولم يكن عليهم أكثر من ذلك. وقيل: يريد: لو كانت في وقتها كان أحبَّ إليَّ من الدنيا وما فيها.
وقول الأوزاعي: فإن لم يقدروا على الإيماء أخَّروا الصلاة حتى ينكشف القتال. فيه مخالفة لقول مالك؛ لأنه لا يعجزه عن الإيماء طالبين ولا مطلوبين، ولا يمنعهم مسايفة (١). وقوله:(لا يجزئهم التكبير). قد سلف ما فيه.