للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القنوت؟ قَالَ: قبل الركوع (١).

وقال ابن التين: قوله: (كذب). يعني: أوهم عليه، لا أنه تعمده، وهذا ينزه عنه من دون الصحابة، فكيف بهم؟ والكذب يباح للإصلاح، بل يجب فيما إذا التجأ إليه من يقتل ظلمًا.

وقوله: (كان بعث قومًا يقال لهم: القراء) سبب هذا القنوت أن أبا براء المعروف بملاعب الأسنة الكلاعي قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يسلم ولم يبعد من الإسلام، فقال: يا محمد، لو بعثت معي رجالًا من أصحابك إلى أهل نجد رجوت أن يستجيبوا لك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أخشى عليهم أهل نجد" قَالَ: أنا لهم جار. وكان شباب من الأنصار يسمون القراء يصلون بالليل، حَتَّى إذا تقارب الصبح احتطبوا الحطب واستعذبوا الماء فوضعوه على أبواب حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبعثهم جميعًا، وكانوا سبعين. وقيل: أربعين. والأول هو الصحيح، وأمَّر عليهم المنذر بن عَمْرو أخا بني ساعدة المعروف بالمعتق ليموت -أي: يقدم على الموت- فساروا حَتَّى نزلوا بئر معونة -بالنون- وذلك في صفر على ستة وثلاثين شهرًا من مهاجره، فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عدو الله عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر في كتابه حَتَّى عدا على الرجل فقتله، ثم اجتمع عليه قبائل من سليم عصيَّة وذكوان ورعل، فنفروا ما حوله بالقوم في مرحالهم (٢)، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم ثم قاتلوهم حَتَّى قتلوا عن آخرهم، إلا كعب بن زيد، فإنهم تركوه وبه رمق، فعاش حَتَّى قتل


(١) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ١/ ٢٤٣ كتاب: الصلاة، باب: القنوت في صلاة الفجر وغيرها.
(٢) هكذا في الأصل، وفي "البداية والنهاية": فأحاطوا بهم في رحالهم ٤/ ٤٥٣.