للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال أبو حنيفة وأصحابه: يصلي الظهر في آخر وقتها ثم يمكث قليلًا، ثم يصلي العصر في أول وقتها، ولا يجوز الجمع بين الصلاتين في وقت إحداها في غير عرفة ومزدلفة (١).

وحجة الأولين حديث أنس السالف، فإن معنى (صلى الظهر)، أي: ثم العصر وركب، فإنه كان يؤخر الظهر إلى العصر إذا لم تزغ، فلذا يقدمها إذا زاغت، وعلى ذلك تأولوا حديث ابن عباس السالف (٢) أيضًا أنه كان إذا زاغت الشمس.

ومن حجة أبي حنيفة وأصحابه أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يؤخر الجمع إلى وقت العصر إلا إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس خاصة. وأما إذا ارتحل بعد أن تزيغ فإنه كان يجمع في أول وقت الظهر ولا يؤخر الجمع إلى العصر، فهذا خلاف الحديث والآثار، وأثبتها في ذلك حديث معاذ السالف، فبان أنه كان يجمع بينهما مرة في وقت الظهر، ومرة في وقت العصر، وكذا المغرب مع العشاء، وكذا قول أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ أخر الظهر إلى وقت العصر ثم يجمع، مخالف لهم أيضًا لأنهم لا يجيزون صلاة الظهر في وقت العصر في الجمع.

ومن طريق النظر لو كان كما قالوا لكان ذلك أشد حرجًا وضيقًا من الإتيان بكل صلاة في وقتها؛ لأن وقت كل صلاة واسمع، ومراعاته أمكن من مراعاة طرفي الوقتين، ولو كان الجمع كما قالوا لجاز الجمع بين العصر والمغرب، وبين العشاء والفجر، ولما أجمع العلماء أن الجمع


(١) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ١/ ٢٩٢.
(٢) حديث (١١٠٧).