الآية. أي أن نفس النائم ممسكة بيد الله، وأن التي في اليقظة مرسلة إلى جسدها غير خارجة من قدرة الله، فقنع - صلى الله عليه وسلم - بذلك وانصرف.
وأما ضربه فخذه وقوله:({وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا})[الكهف: ٥٤] فإنه ظن أنه أحرجهم وندم على إنباههم، وكذلك لا يحرج الناس إذا حضوا على النوافل ولا يضيق عليهم، إنما يذكروا في ذلك ويشار عليهم.
وقوله: ("مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتْنَ ومِنَ الخَزَائِنِ") قاله لما أعلمه ربه تعالى بوحيه بأنه يفتح على أمته من الغنى والخزائن، وعرفه أن الفتن مقرونة بها بعده مخوفة على من فتحت عليه، ولذلك آثر كثير من السلف القلة على الغنى خوف التعرض لفتنة المال، وقد استعاذ الشارع - صلى الله عليه وسلم - من فتنته كما استعاذ من فتنة الفقر.
وقوله: ("وصَوَاحِبَ الحُجُرَاتِ") أزواجه. يعني: من يوقظهن لصلاة الليل، وهو دال على أن الصلاة تنجي من شر الفتن ويعتصم بها من المحن.
وقوله: ("كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ") يريد: كاسية بالثياب الواصفة لأجسامهن لغير أزواجهن، ومن يحرم عليه النظر إلى ذلك منهن، وهن عاريات في الحقيقة، فربما عوقبت في الآخرة بالتعري الذي كانت إليه مائلة في الدنيا مباهية بحسنها، فعرف - صلى الله عليه وسلم - أن الصلاة تعصم من شر ذلك، وقد فسر مالك أنهن لابسات رقيق الثياب، وقد يحتمل -كما قَالَ ابن بطال- أن يريد - صلى الله عليه وسلم - بذلك النهي عن لبس رقيق الثياب واصفًا كان أو غير واصف خشية الفتنة (١).