للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد سئل بعض العلماء عن حديث التنزيل، فقال: تفسيره قول إبراهيم حين أفل النجم: {لَا أُحِبُّ الآفِلِينَ} [الأنعام: ٧٦] فَطَلَبَ رَبُّا لا يجوز عليه الانتقال والحركات، ولا يتعاقب عليه النزول، وقد مدحه الله تعالى بذلك وأثنى عليه في كتابه بقوله: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ} إلى قوله: {مِنَ المُوقِنِينَ} [الأنعام: ٧٥] فوصفه باليقين، وحكي عن بعض السلف في هذا الحديث وشبهه الإيمان بها وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها.

وكان مكحول والزهري يقولان: أمرُّوا الأحاديث (١). وقال أبو عبد الله: نحن نروي هذِه الأحاديث ولا نرفع بها المعاني. وإلى نحو هذا نحى مالك في سؤال الاستواء على العرش (٢).

وحمل الداودي مذهبه في هذا الحديث على نحو من ذلك وقال فيما تقدم عنه: نقله حبيب، وليس حبيب بالقوي (٣). وضعفه غيره أيضًا لكنا أسلفنا أنه لم ينفرد به.

فصارت مذاهب العلماء في هذا الحديث وشبهه ثلاثة:

فرقة قائلة بالتأويل كما سلف محتجين بالحديث الآخر: "إذا تقرب


(١) رواه عن مكحول والزهري البيهقي في "الأسماء والصفات" ٢/ ٣٧٧ (٩٤٥).
(٢) روى البيهقي بسنده إلى عبد الله بن وهب قال: كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل فقال: يا أبا عبد الله: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى (٥)}، كيف استواؤه؟ قال: فأطرق مالك وأخذته الرحضاء، ثم رفع رأسه فقال: الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه، ولا يقال: كيف وكيف عنه مرفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه.
قال: فأخرج الرجل. "الأسماء والصفات" ٢/ ٣٠٤ - ٣٠٥ (٨٦٦، ٨٦٧).
(٣) ورد في هامش الأصل ما نصه: حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك، قال الذهبي في "المغني": قال أحمد: كان يكذب وقال أبو داود كان يضع الحديث، توفى سنة ٢١٨ روى له بن ماجه.