للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والثاني: أن التأويل في النزول أبين وأقرب، والعذر بسوء التأويل فيها أبعد، وبالله التوفيق.

وفي الحديث أيضًا أن آخر الليل أفضل الدعاء والاستغفار، قَالَ تعالى: {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨)} [الذاريات: ١٨] وروى محارب بن دثار، عن عمه، أنه كان يأتي المسجد في السحر ويمر بدار ابن مسعود، فيسمعه يقول: اللهم إنك أمرتني فأطعت ودعوتني فأجبت، وهذا سحر فاغفر لي. فسئل ابن مسعود عن ذلك فقال: إن يعقوب - عليه السلام - أخر نيته إلى السحر بقوله: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} (١). وروى الجريري أن داود سأل جبريل، أي الليل أسمع؟ فقال: لا أدري غير أن العرش يهتز في السحر (٢).

وقوله: أسمع، يريد أنها أرفع للسمع، والمعنى أنها أولى بالدعاء وأرجى للاستجابة، وهذا كقول ضماد حين عرض عليه الشارع الإسلام فقال: سمعت كلامًا لم أسمع قط كلامًا أسمع منه (٣)، يريد أبلغ ولا أنجع في القلب (٤)


(١) روى هذا الأثر سعيد بن منصور في "سننه" ٥/ ٤١٠ (١١٤٤). والطبري في "تفسيره" ٧/ ٣٠٠ (١٩٨٧٦). والطبراني في "الكبير" ٩/ ١٠٤ (٥٨٤٨). وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٦٨ لأبي عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" ١٠/ ١٥٥ وقال: رواه الطبراني، وفيه: عبد الرحمن ابن إسحاق الكوفي، وهو ضعيف.
(٢) روى هذا الأثر ابن أبي شيبة ٧/ ٩١ (٣٤٢٤٠). كتاب الزهد، وأبو نعيم في "الحلية" ٦/ ٢٠٣.
(٣) هذا الحديث رواه "مسلم" (٨٦٨) كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة.
(٤) ورد في هامش الأصل: ثم بلغ في السادس بعد التسعين كتبه مؤلفه سامحه الله.