للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الذي كان في زمانه دون ما زيد فيه بعده (١)، فيحرص المصلي على ذلك.

وقال ابن بطال: كلا الطائفتين في تفضيل مكة والمدينة يرغب لحديث أبي هريرة: "صلاة في مسجدي هذا" إلى آخره. ولا دلالة فيه أو أحد منهما، وإنما يفهم منه أن صلاة في مسجده - صلى الله عليه وسلم - خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد.

ثم استثنى المسجد الحرام. وحكم الاستثناء عند أهل اللسان إخراج الشيء بما دخل فيه هو وغيره بلفظ شامل لهما، وإدخاله فيما خرج منه هو وغيره بلفظ شامل لهما.

وقد مثل بعض أهل العلم بلسان العرب الاستثناء في الحديث بمثال بيَّن معناه.

فإن قلتَ: اليمن أفضل من جميع البلاد بألف درجة إلا العراق، جاز أن يكون العراق مساويًا لليمن، وجاز أن يكون فاضلًا، وأن يكون مفضولًا. فإن كان مساويًا فقد علم فضله، وإن كان فاضلًا أو مفضولًا لم يقدر مقدار المفاضلة بينهما إلا بدليل على عدة درجات، إما زائدة على ذلك، أو ناقصة عنها، فيحتاج إلى ذكرها (٢).

واحتج من فضل مكة من طريق النظر أن الرب جل جلاله فرض على عباده قصد بيته الحرام مرة في العمر، ولم يفرض عليهم قصد مسجد المدينة.

قالوا: ومن قول مالك: أن من نذر الصلاة في مسجد المدينة


(١) ورد بهامش الأصل: كذا قاله النووي، وخالفه المحب الطبري وذكر لما قاله حديثًا من عند ابن النجار صاحب "تاريخ المدينة" البغدادي، وأثرًا عن عمر- رضي الله عنه - وكذا ذكره في "مناسكه" كما ذكره في "أحكامه".
(٢) "شرح ابن بطال" ٣/ ١٨٠ - ١٨١.