قَالَ السهيلي وغيره: وبمكن أن يكون كلاًّ منهما أسس على التقوى، غير أن قوله:{مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} يرجح الأول؛ لأن مسجد قباء أسس قبل مسجده، غير أن اليوم قد يراد به المدة والوقت، وكلاهما أسس على هذا من أول يوم، أي: من أول عام من الهجرة.
وقد اختلف فيمن نذر الصلاة في مسجد قباء، فذكر ابن حبيب عن ابن عباس أنه أوجبه فيه. وفي كتاب ابن المواز: لا، إلا أن يكون قريبًا جدًّا فليأته، فليصل فيه.
قَالَ ابن حبيب: قَالَ مالك: إن كان معه في البلد مشى إليه وصلى فيه.
وقال ابن التين: أوجب ابن عباس مشيه على من نذره من المدينة.
قَالَ: ولا خلاف أن إتيانه قربة لمن قرب منه، وليس ذلك بمخالف للنهي عن شد الرحال لغير الثلاثة؛ لأن إتيانه من المدينة ليس من باب شد الرحال، ولا إعمال المطي؛ لأنه من صفات الأسفار المتباعدة، وقطع المسافات الطويلة، ولا يدخل في ذلك أيضًا ركوبه إلى مسجدٍ قريب لجمعة وغيرها؛ لأنه جائز إجماعًا، بل هو واجب في بعض الأحيان.
ولو أن آتيًا أتى قباء من بلد بعيد، وتكلف فيه من السفر ما يوصف بشد الرحال، وإعمال المطي لكان مرتكبًا للنهي على هذا القول.
وقال محمد بن مسلمة في "المبسوط": من نذر أن ياتى مسجد قباء فيصلي فيه لزمه ذلك. والأول أظهر (١).
(١) ورد بهامش الأصل: ثم بلغ في التاسع بعد التسعين. كتبه مؤلفه، غفر الله له.