للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعضهم بعضًا عُلم أنه من فعل هذا جاهلًا أنه لا تفسد صلاته، وقال مالك والشافعي: إنه من تكلم في صلاته ساهيًا لم تفسد صلاته (١).

وقوله: (أو سلم على غيره وهولا يعلم). يعني: لا يعلم المسلم عليه، ولا يسمع السلام عليه. وأمره - صلى الله عليه وسلم - بمخاطبته في التحيات بقوله: "السلام عليك أيها النبي" وهو أيضًا خطاب في الصلاة لغير المصلي، لكن لما كان خطابه - صلى الله عليه وسلم - حيًّا وميتًا من باب الخشوع ومن أسباب الصلاة المرجو بركتها، لم يكن كخطاب المصلي لغيره.

وفي هذا دليل على أن ما كان من الكلام عامدًا في أسباب الصلاة أنه جائز سائغ، بخلاف قول أبي حنيفة والشافعي، وإنما أنكر تسميتهم للناس بأسمائهم؛ لأن ذلك يطول على المصلي ويخرجه بما هو فيه من مناجاة الرب إلى مناجاة الناس شخصًا شخصًا، فجمع لهم هذا المعنى في قوله: "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" فهو وإن خاطب نفسه فقد خاطب أيضًا غيره معه، لكنه بما يرجا بركته فيها، فكأنه منها.

وقوله: (كُنَّا نَقُولُ: التَّحِيَّةُ فِي الصَّلَاةِ). صح عنه: كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد (٢)، وفي ذلك دلالتان على فرضه: قوله: (قبل أن يفرض). والثاني: (أمره - صلى الله عليه وسلم -).

وأجاب ابن التين بما لا يظهر، فقال: قوله: (قبل أن يفرض علينا) إخبار عن اعتقاده أن التشهد فرض وليس بحجة. قلتُ: اعتقاد الصحابي مقدم على اعتقادك.


(١) "النوادر والزيادات" ١/ ٢٧٥، "روضة الطالبين" ١/ ٢٩٠.
(٢) رواه البيهقي عن ابن مسعود ٢/ ١٣٨ كتاب: الصلاة، باب: مبتدأ فرض التشهد.
وقال الذهبي في "المهذب" ٢/ ٥٨٤ (٢٥٢٢): إسناده صحيح.