للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم يعود إليها، وقد أسلفنا ما فيه. وقال عبد الملك: إن كانت صلاته نافلة، فإجابة الأم أفضل من صلاة النافلة.

فإن قلتَ: كيف قَالَ: من أبوك، والزاني لا يلحق به الولد؟

فالجواب إما أن يكون لاحقًا في شرعهم، أو المراد: مِنْ ماء مَنْ أنت؟ وسماه أبًا مجازًا.

قَالَ القرطبي: وقد يتمسك به من قَالَ: إن الزنا يحرم كالحلال. وهو رواية ابن القاسم عن مالك في "المدونة"، وفي "الموطأ": أن الزنا لا يحرم حلالًا (١).

قَالَ: ويستدل به أيضًا أن المخلوقة من زناه لا تحل للزاني بأمها، وهو المشهور خلافًا لابن الماجشون، وهو -أعني: قول ابن الماجشون- الأصح عند الشافعية، ووجه التمسك على المسألتين أنه - صلى الله عليه وسلم - حكى عن جريج أنه نسب ابن الزنا للزاني، وصدق الله نسبته بما خرق له من العادة في نطق الصبي بشهادته له بذلك، فكانت تلك النسبة صحيحة، فيلزم على هذا أن تجري بينهما أحكام الأبوة والبنوة من التوارث والولايات وغير ذلك.

وقد اتفق (٢) المسلمون على ألا توارث بينهما، فلم تصح تلك النسبة؛ لأنا نجيب عن ذلك بأن ذلك موجب ما ذكرنا، وقد ظهر ذلك في الأم من الزنا، فإن أحكام الأمومة والبنوة جارية عليهما، فما انعقد على الإجماع من الأحكام أنه لا يجوز بينهما استثنيناه، وبقي


(١) "الموطأ" ١/ ٥٨١ (١٥٠٥) كتاب: النكاح، باب: ما جاء في تزوج الرجل المرأة قد مسها على ما يكره.
(٢) وقع بهامش الأصل: حكى ابن قيم الجوزية في "الهدي" في استلحاق ولد الزنا وتوريثه عن إسحاق ومن وافقه أنه يلحق به إذا ادعاه الزاني ويرثه. اهـ.