فذات مرة قطع له أحد الغرماء خمسةً وعشرين ألفًا، فحاول أصحابه أنْ يُلاحق غريمه ويستنجد على ذلك بالسلطان، ولكنه أبى وقال:"إن أخذتُ منهم كتابًا طمعوا، ولن أبيع ديني بدنياي ".
وكان البخاري يهدف من تجارته أن ينفع خلقِ الله، فكان يُساعد طلبة العلم والشيوخ والمحدثين، وكان يُنفِقُ من دخله خمسمائة درهم على الفقراءِ والمساكين وطلبةِ العِلم وأصحاب الحديث كل شهر، ولم يكُن يعرف الترف والبذخ في حياته في المأكل والمشرب.
وكان رحمه الله يعود نفسه على الإيثار والبعد عن حب المال، وكان ورعا تقيا، وكان شديد التمسك بالسُّنَّة، بعيدًا عن مخالطة الأمراء ومجالستهم، وبنى رِباطا خارج مدينة بخارى، فكان يشارك العمال في بناءه، فينقل اللبن يحمله على رأسه ويرفعه ويقدمه للبنائين، فقيل له: يا أبا عبد الله إنَّك تُكفى ذلك! فيقول: "هذا الذي ينفعني".
وكان صاحب فراسة وبصيرة نافذة، واستحضار وذكاء، كان الإمام قتيبة بن سعيد يقول:"جالستُ الفقهاء والزهاد والعبَّاد، فما رأيتُ منذ عقلتُ مثل محمد بن إسماعيل، وهو في زمانه كعمر في الصحابة".
قال الذهبي عنه:"كان رأسًا في الذكاء، رأسا في العلم، ورأسًا في الورع والعبادة".