للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفيه: أن الصديق أعلم من عمر، وهذِه إحدى المسائل التي ظهر فيها ثاقب علمه، وفضل معرفته، ورجاحة رأيه، وبارع فهمه، وحسن انتزاعه بالقرآن، وثبات نفسه، ولذلك مكانته عند الأمة لا يكون فيها أحد، ألا ترى أنه حين تشهد وبدأ بالكلام مال الناس إليه وتركوا عمر، ولم يكن ذلك إلا لعظيم منزلته في نفوسهم على عمر وسمو محله عندهم، أخذوا ذلك رواية عن نبيهم. وقد أقر بذلك عمر حين مات الصديق فقال: والله ما أحب أن ألقى الله بمثل عمل أحد إلا بمثل عمل أبي بكر، ولوددت أني شعرة في صدره (١).

وذكر الطبري عن ابن عباس قال: والله إني لأمشي مع عمر في خلافته وبيده الدرة، وهو يحدث نفسه ويضرب قدمه بدرته ما معه غيري إذ قال: يا ابن عباس، هل تدري ما حملني على مقالتي التي قلت حين مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: لا أدري والله يا أمير المؤمنين. قال: فإنه ما حملني على ذلك إلا قوله -عز وجل-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} إلى قوله: {شُهَدَاءَ} [البقرة: ١٤٣] فوالله إن كنتُ لأظن أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيبقى في أمته حتى يشهد عليها بآخر أعمالها (٢).

وفي تأويل عمر الحجة لمالك في قوله: في الصحابة مخطئ ومصيب في التأويل (٣).


(١) روى الشطر الأخير منه معاذ بن المثنى في زيادات مسدد كما في "المطالب العالية" ١٥/ ٧١٨ (٣٨٧٦)، وابن أبي الدنيا في "المتمنين" (٨٦)، من طريق سفيان عن مالك بن مغول قال: قال عمر.
ورواه ابن أبي الدنيا (٨٨)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٣٠/ ٣٤٣ من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي عمران الجوني قال: قال عمر.
(٢) "تاريخ الطبري" ٢/ ٢٣٨.
(٣) انظر: "شرح ابن بطال" ٣/ ٢٤٠ - ٢٤٢.