للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قبل إعلامه بالغفران له، وقد رئي ما يفعل به (١)، وهو الصواب؛ لأنه - عليه السلام - لا يعلم من ذلك إلا ما يوحى إليه. وقال الداودي: "ما أدري ما يفعل بي"، وَهَم.

وقوله: "ما أدري ما يفعل بي" أي في أمر الدنيا مما يصيبهم فيها؛ لأنه وإن كان وعده بالظهور فقد كان قبل ذلك مواطن خاف فيها الشدة.

وسورة الأحقاف مكية (٢)، والفتح مدنية (٣).

وقوله: (ما يفعل به) قاله قبل أن يخبر أن أهل بدر من أهل الجنة (٤).

فإن قلت: هذا المعنى يعارض قوله في حديث جابر: "ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه".

فالجواب أنه لا تعارض بينهما، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينطق عن الهوى، فأنكر على أم العلاء قطعها على ابن مظعون إذ لم يعلم هو من أمره شيئًا. وفي حديث جابر قال ما علمه بطريق الوحي؛ إذ لا يقطع على مثل هذا إلا بوحي، فلا تعارض.

ومعنى قولها: (اقتسم المهاجرون قرعة .. ) إلى آخره. يعني أنهم اقتسموا للسكنى؛ لأن المهاجرين لما هاجروا إلى المدينة لم يمكنهم استصحاب أموالهم فدخلوها فقراء، فاقتسمهم الأنصار بالقرعة في نزولهم عليهم وسكناهم في منازلهم.


(١) من ذلك ما سيأتي برقم (١٣٨٦).
(٢) يشير إلى قوله تعالى: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: ٩].
(٣) ويشير إلى قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: ٢].
على أن آية الأحقاف فيها أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يدري ما يفعل به وبالناس أو المؤمنين. وآية الفتح فيها أنه - صلى الله عليه وسلم - قد غفر الله كل ذنوبه. والله أعلم.
(٤) يأتي حديث علي الدال على ذلك (٣٠٠٧)، ورواه مسلم (٢٤٩٤).