للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النبوة والرسالة والاصطفاء وهو قوله: باب بدء الوحي، والثاني: بدء النصر والظهور، ويؤيده أن المشركين كانوا يؤذون المؤمنين بمكة، فشكوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسألوه أن يغتالوا مَنْ مكَّنَهُم منهم ويغدروا به، فنزلت: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} (١) [الحج: ٣٨]، فنهوا عن ذَلِكَ، وأمروا بالصبر إلى أن هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج: ٣٩] الآية فأباح الله قتالهم، فكان إباحة القتال مع الهجرة التي هي سبب النصر والغلبة وظهور الإسلام.

ثانيها: أنه لما كان الحديث مشتملًا عَلَى الهجرة وكانت مقدمة النبوة في حقه - صلى الله عليه وسلم - هجرته إلى الله تعالى، وإلى الخلو بمناجاته في غار حراء، فهجرته إليه كانت ابتداء فضله باصطفائه ونزول الوحي إليه مع التأييد الإلهي والتوفيق الرباني.

ثالثها: أنه إنما أتى به عَلَى قصد الخطبة والترجمة للكتاب -كما سيأتي-.

فإن قُلْتَ: لِمَ لَمْ يبتدئ في أول "صحيحه" بالحمد، وهو أمر مُهم،


= رواها سعيد بن منصور قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله هو ابن مسعود قال: من هاجر يبتغي شيئا فإنما له ذلك، هاجر رجل ليتزوج امرأة يقال لها: أم قيس فكان يقال له مهاجر أم قيس، ورواه الطبراني من طريق أخرى عن الأعمش بلفظ: كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها: أم قيس فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجها، فكنا نسميه مهاجر أم قيس. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، لكن ليس فيه أن حديث الأعمال سيق بسبب ذلك، ولم أر في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك. اهـ.
(١) قراءة متواترة قرأ بها أبو عمرو ويعقوب وابن كثير. انظر: "حجة القراءات" ص ٤٧٧، و"الكوكب الدري" ص ٤٩٩.