فيه من الفقه: جواز الأخذ بالشدة وترك الرخصة لمن قدر عليها، وأن ذلك مما ينال به العبد رفيع الثواب وجزيل الأجر.
التاسع:
التسلية عند المصائب.
العاشر:
فيه: أن المرأة تتزين لزوجها تعرضًا للجماع لقوله: (ثم هيأت شيئًا) أراد: هيأت شيئًا من حالها.
الحادي عشر:
أن من ترك شيئًا لله تعالى، وآثر ما ندب إليه، وحض عليه من جميل الصبر، أنه معوض خيرًا بما فاته، ألا ترى قوله:(فَرَأَيْتُ تِسْعَةَ أَوْلَادٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ القُرْاَنَ). ولقد أخذت أم سليم في الصبر إلى أبعد غاية، على أن النساء أرق أفئدة؛ لأنا نقول: إن ما في نسائها ولا في الجلد من الرجال مثل أم سليم؛ لأنها كانت تسبق الكثير من الرجال الشجعان إلى الجهاد، وتحتسب في مداواة الجرحى، وثبتت يوم حنين في ميدان الحرب، والأقدام قد زلزلت، والصفوف قد انتفضت. والمنايا قد فغرت، فالتفت إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي يدها خنجر فقالت: يا رسول الله أقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل هؤلاء الذين يحاربونك، فليسوا بشرًّ منهم (١).
(١) روى مسلم ما يدل على ذلك من حديث أنس برقم (١٨٠٩) كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة النساء مع الرجال.