للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والبكاء، والقول الذي لا تحذير فيه، وأن الممنوع النوح وما في معناه مما يفهم أنه لم يرض بقضاء الله ويتسخط له، إذ الفطرة مجبولة على الحزن، وقد قَالَ الحسن البصري: العين لا يملكها أحد، صبابة المرء بأخيه. وروى ابن أبي شبية من حديث أبي هريرة أنه - عليه السلام - كان في جنازة مع عمر فرأى امرأة تبكي فصاح عليها عمر، فقال - عليه السلام -: "دعها يا عمر، فإن العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد قريب" (١) فعذرها - صلى الله عليه وسلم - مع قرب العهد؛ لأن بعده ربما يكون بلاء الثكل، وفتور فورة الحزن.

فإذا كان الحزن على الميت رثاء له ورقة عليه، ولم يكن سخطًا ولا تشكيًا، فهو مباح كما سلف قبل هذا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنها رحمة".

سادسها:

فيه شدة إغراق النساء في الحزن، وتجاوزهن الواجب فيه لنقصهن، ومن رتع حول الحمى يوشك أن يواقعه. وقال الحسن البصري في قوله تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: ٢١] أن المودة: الجماع. والرحمة: الولد، ذكره ابن وهب (٢).


(١) "المصنف" ٢/ ٤٨٢ (١١٢٩٥) كتاب: الجنائز، باب: من رخص أن تكون المرأة مع الجنازة والصياح، ولا يرى به بأسًا. وتقدم تخريجه بأفضل من ذلك.
(٢) ذكره القرطبي عن الحسن في "تفسيره" ١٤/ ١٧، وذكره عن ابن عباس ومجاهد أيضًا.