للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونقل ابن بطال عن بعضهم أن معنى العرض هنا: الإخبار بأن هذا موضع أعمالكم والجزاء لها عند الله تعالى، وأريد بالتكرير بالغداة والعشي تذكارهم بذلك، ولسنا نشك أن الأجسام بعد الموت والمساءلة هي في الذهاب وأكل التراب والفناء، ولا يعرض شيءٌ على فانٍ، فبان أن العرض الذي يدوم إلى يوم القيامة إنما هو على الأرواح خاصة، وذلك أن الأرواح لا تفنى وإنما هي باقية إلى أن يصير العباد إلى الجنة أو النار (١).

ونقل عن القاضي أبي الطيب اتفاق المسلمين أنه لا غدو ولا عشاء في الآخرة، وإنما هو في الدنيا، فهم معروضون بعد مماتهم على النار، وقيل: يوم القيامة، ويوم القيامة يدخلون أشد العذاب، فمن عرض عليه النار غدوًّا وعشيًّا أحرى أن يسمع الكلام.

قال ابن عبد البر: وقد استدل بهذا الحديث من ذهب إلى أن

الأرواح على أفنية القبور، وهو أصح ما ذهب إليه في ذلك؛ لأن الأحاديث في ذلك أثبت نقلًا قَالَ: والمعنى عندي أنها قد تكون على أفنية قبورها؛ لأنها لا تفارق أفنية القبور، بل هي كما قَالَ مالك: إنه بلغه أن الأرواح تسرح حيث شاءت، وعن مجاهد: الأرواح على القبور سبعة أيام، من يوم دفن الميت لا تفارق (٢).

وقال الداودي: ومما يدل على حياة الروح والنفس وأنهما لا يفنيان قوله تعالى: {اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ} الآية [الزمر: ٤٢] والإمساك لا يقع على الفاني (٣).


(١) "شرح ابن بطال" ٣/ ٣٦٥.
(٢) "الاستذكار" ٨/ ٣٥٤ - ٣٥٥.
(٣) "شرح ابن بطال" ٣/ ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>