للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال صاحب "الأفعال": تب: ضعف وخسر. وتب: هلك. وفي القرآن: {وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ} [غافر: ٣٧] وتب الإنسان: شاخ.

وقوله في قراءة الأعمش: (وقد تب) هو خبر بخلاف الأول، فإنه دعاء. وقوله: {وَتَبَّ} ليس بتكرير لما قلناه. وقوله: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ} يحتمل أن يكون نفيًا أو استفهامًا. قَالَ مجاهد: {وَمَا كَسَبَ}: ولده (١). وقيل: يبعد أن تكون ما لمن يعقل؛ لأنه لا يقال: كسب ولدًا: ولكن يكون المعنى: وما كسب من ذا وغيره.

أما فقه الباب: فذكر شرار الموتى من أهل الشرك خاصة جائز؛ لأنه لا شك في أنهم مخلدون في النار، فذكر شرارهم أيسر من حالهم التي صاروا إليها، مع أن في الإعلان بقبيح أفعالهم تقبيحًا لأحوالهم وذمًّا لهم؛ لينتهي الأحياء عن مثل أفعالهم ويحذروها. واعترض على البخاري في تخريجه لهذا الحديث في هذا الباب، وإن كان تبويبه له يدل على أنه أراد به العموم في شرار المؤمنين والكافرين. وحديث أنس: مر بجنازة فأثنوا عليها شرًّا، وافٍ به. فترك الشارع نهيهم عن ثناء الشر، ثم أخبر أنه بذلك الثناء وجبت النار، وقال: "أنتم شهداء الله في الأرض" (٢) فدل ذلك أن للناس أن يذكروا الميت بما فيه من شر إذا كان شره مشهورًا، وكان ممن لا غيبة فيه؛ لشهرة شره. وسلف في باب ثناء الناس على الميت الكلام في الجمع بين هذا الحديث وبين الحديث في الباب قبله.

وقال ابن المنير: يحتمل أن يريد الخصوص، فطابقت الآية


(١) "تفسير الطبري" ١٢/ ٧٣٥ (٣٨٢٦٦).
(٢) سلف برقم (١٣٦٧) باب: ثناء الناس على الميت، وأخرجه مسلم (٩٤٩) كتاب: الجنائز، باب: فيمن يثنى عليه خير أو شر من الموتى.

<<  <  ج: ص:  >  >>