للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي "الرقائق" لعبد الله بن المبارك من حديث ابن مسعود قَالَ: "ما تصدَّق رجلٌ بصدقةٍ إلا وقعت في يدِ الرَّبِّ قبل أنْ تقعَ في يدِ السائل، وهو يضعها في يدِ السائل" قَالَ: وهو في القرآن العظيم.

فقرأ: {وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} [التوبة: ١٠٤] (١).

وقوله: ("مَنْ تَصَدَّق بعِدل تمرةٍ") أي: بقيمتها. وذلك أن جماعات من أهل اللغة كما نقله عنهم ابن التين قالوا: العدل، بفتح العين: المثل.

قَالَ تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥] وبكسرها: الحمل. وهذا عكس قول ثعلب. وقال الكسائي: هما بمعنى واحد. وقال القزاز: عدل الشيء: مثله من غير جنسه، وبالكسر: مثله من جنسه. وأنكرها البصريون وقالوا: هما المثل مطلقًا، كما أن المثل لا يختلف. وقيل: بالفتح: مثله من القيمة. وبالكسر: مثله في المنظر. وهذا مثل قول الفراء. وقال ابن قتيبة: هو بالكسر: القيمة (٢). وعبارة "المحكم": العَدل والعديل، والعدل: النظير والمثل. وقيل: هو المثل وليس بالنظير عينه.

وقوله: ("مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ") أي: من حلال. وإنما لا يقبل الله غيره؛ لأنه غير مملوك للمتصدق؛ لأنه ممنوع من التصرف فيه، فلو قبلت لزم أن يكون مأمورًا به منهيًّا عنه من وجه واحد، وهو محال.

وقوله: ("بيمينه") ذكر اليمين هنا قيل: يراد بها سرعة القبول، وهو مجاز. وقيل: حسن القبول. وهو متقارب مع الأول؛ لأن عرف الناس أن أيمانهم مرصدة لما عز وشمائلهم لما هان، والجارحة على الرب جل جلاله محالة تقدس عنها، ولما كانت الشمائل عادة تنقص عن اليمين


(١) "الزهد والرقائق" ص ٢٢٧ - ٢٢٨ (٦٥٠) باب: الصدقة.
(٢) "غريب الحديث" ٢/ ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>