للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تتقبلها، فكانت كالذي تؤخذ بالكف، وتقع في يد السائل فيقضي بها حاجته، ويسد فاقته.

قَالَ ابن التين: ويدل على أن المراد بالسفلى السائلة أن عمر قَالَ: يا رسول الله، ألست أخبرتنا أن خيرًا لأحدنا أن لا يأخذ من أحد شيئًا. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما ذلك عن مسألة، فأما ما كان عن غَيْرِ مسألة فإنَّما هو رزق رزقه الله تعالى" (١)، وقال: "لأن يأخُذَ أحدُكُم حَبْلَه فيحتطب، خيرٌ له مِنْ أنْ يأْتِيَ رجُلًا أعطاه الله من فضله فيسأله، أعطاهُ أو مَنَعَهُ" (٢).

فتحصلنا على أقوال:

أصحها: العليا: المنفقة، والسفلى: السائلة، كما هو مصرح به في الحديث كما سلف.

ثانيها: أن العليا: المتعففة، وجعله ابن التين الأشبه.

ثالثها: أن العليا: المعطية، والسفلى: المانعة، قاله الحسن.

رابعها: أن العليا: الآخذة، وقد سلف ما فيه.

وفي مراسيل سعيد وعروة أنه - صلى الله عليه وسلم - لما قَالَ: "اليد العُليا خيرٌ مِنَ اليد السُّفلى" قَالَ حكيم: ومنك يا رسول الله؟ قَالَ: "ومني" قَالَ: والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدًا بعدك شيئًا. فلم يقبل عطاءً ولا ديوانًا حَتَّى مات. فلو كانت اليد المعطية لكان حكيم قد توهم أن يدًا خير من


(١) رواه أبو يعلى ١/ ١٥٦ (١٦٧)، والبيهقي في "شعب الإيمان" ٣/ ٢٧٩ - ٢٨٠ (٣٥٤٦)، وابن عبد البر في "تمهيده" ٥/ ٨٥، وذكره الهيثمي في "المجمع" ٣/ ١٠٠، وقال: هو في الصحيح باختصارٍ، ورواه أبو يعلى ورجاله موثقون.
وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (٨٤٦) قائلًا: صحيح لغيره.
(٢) سيأتي برقم (١٧٤٠) كتاب: الزكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>