للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرح:

حديث ابن عباس سلف في باب الخطبة بعد العيد (١) بشرحه واضحًا، وأما حديث أبي موسى فلا شك أن الشفاعة في الصدقة وسائر أفعال البر مرغب فيها مندوب إليها. فندب أمته إلى السعي في حوائج الناس، وشرط الأجر على ذلك، ودل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَيَقْضِي اللهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيهِ مَا شَاءَ" أنَّ الساعي مأجور على كل حال، وإن خاب سعيه، ولم تنجح طلبته لهذِه الأمة. فإنه قَالَ: من يشفع، ولم يقل: من يُشفَّع. بضم أوله، وتشديد ثالثه، والمراد بـ"وَيَقْضِي اللهُ عَلَى لِسَانِ نَبيهِ مَا شَاءَ". ييسره لما يأمر به من العطاء، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "والله في عونِ العَبْد ما كان العبدُ في عونِ أخيه" (٢). ولأبي الحسن: "شفعوا" بحذف الألف، وإنما أمرهم بالشفاعة لما فيه من الأجر لقوله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً} [النساء: ٨٥] الآية.

ولأنهم إذا شفعوا، واجتمعت عليه المسألة كان أنجح، ولا يتأبى كبير أن يشفع عند صغير. فإن شفع عنده، ولم يقضها لا ينبغي له أن يتأذى الشافع. فقد شفع الشارع عند بريرة أن ترد زوجها فأبت (٣). وقد احتج أبو حنيفة والثوري بحديث ابن عباس السالف، وأوجبوا الزكاة


(١) برقم (٩٦٢) كتاب: العيدين.
(٢) رواه مسلم (٢٦٩٩) كتاب: الذكر والدعاء، باب: فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، وأبو داود (٤٩٤٦) كتاب: الأدب، باب: المعونة للمسلم، والترمذي (١٤٢٥) كتاب: الحدود، باب: ما جاء في الستر على المسلم، وابن ماجه (٢٢٥) كتاب: المقدمة، باب: فضل العلماء والحث على طلب العلم، وابن حبان في "صحيحه" ٢/ ٢٩٢ - ٢٩٣ (٥٣٤) كتاب: البر والإحسان، باب: فضل البر والإحسان.
(٣) يشير إلى حديث مغيث وبريرة المشهور الآتي (٥٢٨٠ - ٥٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>