للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذلك يتحرج. وقوله: (عتاقة) وذلك أنه أعتق مائة رقبة في الجاهلية، وحمل على مائة بعير، وفي رواية قَالَ: يا رسول الله لا أدع شيئًا صنعته في الجاهلية إلا فعلت في الإسلام مثله (١). ففعل ذلك.

وقوله: ("أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أسلف مِنْ خَيْرٍ") قَالَ المازري: ظاهره خلاف ما تقتضيه الأصول؛ لأن الكافر لا تصح منه قربة فيكون مُثابًا على طاعاته، ويصح أن يكون مطيعًا غير متقرب كنظيره في الإيمان، فإنه مطيع من حيث كان موافقًا للأمر، والطاعة عندنا موافقة الأمر، لكنه لا يكون متقربًا؛ لأن من شرط التقرب أن يكون عارفًا بالمتقرب إليه، وهو في حين كفره لم يحصل له العلم بالله بعد.

فإذا (قرب) (٢) هذا علم أن الحديث متأول، وهو محتمل وجوهًا:

أحدها: أن يكون المعنى: أنك اكتسبت طباعًا جميلة، وأنت تنتفع بتلك الطباع في الإسلام، وتكون العادة تمهيدًا لك، ومعونة على فعل الخير والطاعات.

ثانيها: معناه: اكتسبت بذلك (شيئًا) (٣) جميلًا، فهو باقٍ في الإسلام، ويكثر أجره لما تقدم لك من الأفعال الجميلة. وقد تأولوا في الكافر أنه إذا كان يفعل الخير فإنه يخفف عنه به، ولا يبعد أن يزاد هذا في الأجور (٤).

وقال عياض: ببركة ما سبق لك من خير هداك الله إلى الإسلام، فإن


(١) رواه مسلم (١٢٣/ ١٩٥) كتاب: الإيمان، باب: بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده.
(٢) في (م): قررت، وعند المازري: تقرَّر.
(٣) كذا بالأصل: وعند المازري: ثناءً.
(٤) "المعلم بفواند مسلم" ١/ ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>