للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلتُ: لا يقاس.

وقيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - وروَّى عن جوابه، فإنه سأله: هل لي فيها أجر؟ يريد ثواب الآخرة، ومعلوم نفيه عنه، فقال له ذلك. والعتق فعل خير، فأراد إنك فعلت خيرًا، والخير يمدح فاعله، وقد يجازى عليه في الدنيا. حكاه ابن الجوزي. وفي مسلم من حديث أنس: "أما الكافِرُ فيُطْعَم بحسناتِهِ في الدنيا، فإذا لقي الله لم يكن له حسنة" (١)، وروي أن حسنات الكافر إذا أسلم محسوبة له مقبولة، فإن مات على كفره كانت هدرًا. ذكره الخطابي. قَالَ ابن الجوزي: فإن صح هذا كان المعنى: أسلمت على قبول ما سلف لك من خير.

قلتُ: ومراد الفقهاء: لا يصح من الكافر عبادة ولو أسلم لم يعتد بها المراد في أحكام الدنيا، وليس فيه تعرض لثواب الآخرة وإن أقدم قائل على التصريح بأنه إذا أسلم لا يثاب عليها في الآخرة رد قوله بهذِه السنة الصحيحة، وقد يعتد ببعض أفعال الكفار في أحكام الدنيا، فقد قَالَ الفقهاء: إذا وجب على الكافر كفارة ظهار أو غيرها، فكفَّر في حال كفره أجزأه ذلك، وإذا أسلم لم يجب عليه إعادته، وسيأتي إن شاء الله في كتاب العتق اختلاف أهل العلم في عتق المشرك.

واختلف أصحابنا في من أجنب ثم اغتسل ثم أسلم هل يجب عليه إعادة الغسل أم لا؟ وبالغ بعضهم فقال يصح من كل كافر كل طهارة من غسل ووضوء وتيمم. فإذا أسلم صلى بها، وقال القرطبي: الإسلام إذا حسن هدم ما قبله من الآثام، وأحرز ما قبله من البر. وقال الحربي:


(١) "صحيح مسلم" (٢٨٠٨) كتاب: صفة الجنة والنار، باب: جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة، وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>