للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال قتادة: صدّق بموعود الله على نفسه فعمل بذلك الموعود الذي وعده (١). قَالَ الطبري وغيره: والأشبه والأولى قول ابن عباس السالف. قَالَ: وإنما قلتُ ذلك؛ لأنه سياق الآية، وذكر أن هذِه الآية نزلت في الصديق كان اشترى نسمًا كانوا في أيدي المشركين فنزلت إلى آخر السورة، ورُوي أنها نزلت في رجل ابتاع نخلة كانت على حائط أيتام، فكان يمنعهم أكل ما سقط منها فابتاعها رجل منه، وتصدق بها عليهم، وأما الحديث فهو موافق لقوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} (٢) [سبأ: ٣٩] ولقوله: "ابن آدم أنفق أنُفِقْ عليك" (٣)، وهذا يعم الواجب والمندوب، والممسك يريد به: عن الواجبات دون المندوبات، فإنه قد لا يستحق هذا الدعاء، اللهم إلا أن يغلب عليه البخل بها وإن قلَّتْ في أنفسها كالحبة واللقمة، وما شابههما فقد يتناوله؛ لأنه إنما يكون كذلك لغلبة صفة البخل المذموم عليه وقلما يكون ذلك إلا ويبخل بكثير من الواجبات. إذ لا تطيب نفسه بها.

وفيه: الحض على الإنفاق في الواجبات كالنفقة على الأهل، وصلة الرحم، ويدخل فيه صدقة التطوع والفرض على ما أسلفناه. ومعلوم أن دعاء الملائكة مجاب بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبهِ" (٤)، وقوله تعالى: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧)} [الليل: ٧] أي للحالة اليسَرى، وسمى العمل بما يرضاه الله تعالى منه في الدنيا ليوجب به الجنة في الآخرة.


(١) السابق ١٢/ ٦١٣ (٣٧٤٥٤ - ٣٧٤٥٥).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١٢/ ٦١٣ بتصرف.
(٣) سيأتي برقم (٤٦٨٤) كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ}.
(٤) سبق برقم (٧٨٠) كتاب: الأذان، باب: جهر الإمام بالتأمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>