للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجواد تطاوعه يده في (النفقة) (١) إذا أعطى، وينمى ماله، ويستر بها من قرنه إلى قدمه. والبخيل تنقبض يده فدرعه عليه ثقل ووبال بالوقاية. وإليه أشير في قوله: {يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: ٦٤] فقال: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: ٦٤].

وقوله: "حَتَّى تُخفِي بنانه" ورواه الخطابي: "حَتَّى تجن بنانه" أي: تسترها. جن، وأجن بمعنى، وروي "تحز" -بحاء وزاي- وهو وهم. قَالَ النووي: والصواب: "تجن" -بجيم ونون- أي تستره. ومنه رواية بعضهم "ثيابه" بثاء مثلثة، وهو وهم، والصواب "بنانه" بالنون، وهي رواية الجمهور كما في الحديث الآخر "أنامله" (٢).

وقوله: "ويعفو أثره" أي كما يعفي الثوب الذي يجر الأرض أثر صاحبه إذا مشى بمرور الذيل عليه، كذلك تُذهب الصدقة خطاياه فتمحوها.

وقوله -في البخيل-: "لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا" ويروى: لزمت أي: ضُيقت عليه. ولزمت بجلده فهي تؤذيه بمعنى أنها تحمى عليه يوم القيامة، فيكوى بها. ولزق مثل لصق.

وقال النووي: معنى "تعفو أثره": تمحو أثر مشيه، تمثيل لكثرة الجود والبخل، وأن المعطي إذا أعطى انبسطت يداه بالعطاء، ويعود ذلك، وإذا أمسك صار ذلك عادة له.

وقيل: معنى "تمحو أثره" أي: تذهب بخطاياه وتمحوها. وهذا مثل ضربه الشارع للبخيل والجواد. وذلك أن الدرع أول ما تلبس تقع على


(١) في (م): الصدقة.
(٢) سيأتي برقم (٥٧٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>