ولكن ربما قتل بهذا الداء -يعني: الحبط- أو قارب القتل. قال الأزهري: هذا الحديث فيه مثلان:
أحدهما: للمفرط في جمع الدنيا ومنعها من حقها، فهي آكلة الربيع؛ لأنه ينبت أحرار البقول، والعشب فتستكثر منه الماشية؛ فيشق أمعاءها.
والثاني: ضربه مثلًا للمقتصد، وهو قوله:"إلا آكلة الخضر". وقد سلف.
وقوله: ("وإن هذا المال خضرة حلوة") يريد أن صورة الدنيا ومتاعها حسنة مؤنقة، والعرب تسمي الشيء الحسن المشرق الناضر خضرًا؛ تشبيهًا له بالنبات الأخضر الغض. ويقال: سمي الخضر خضرًا لحسن وجهه وإشراقه، قال تعالى:{فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا}[الأنعام: ٩٩] ومنه قولهم: اختضر الرجل إذا مات شابًا؛ لأنه يؤخذ في وقت الحسن والإشراق. يقول: إن المال يعجب الناظرين إليه، ويحلو في أعينهم فيدعوهم حسنه إلى الاستكثار منه، فماذا فعلوا ذَلِكَ تضرروا به كالماشية إذا استكثرت من المرعى ثلطت أي: سلحت سلحًا رقيقًا.
وقال ابن الأنباري: قوله: "خضرة": حلوة لم يأت على الصفة، وإنما أتى على التمثيل والتشبيه كأنه قال: إن هذا المال كالبقلة الخضرة الحلوة، ويقول: إن هذا السجود حسنة، والسجود مذكر، فكأنه قال: السجود فعلة حسنة.
وقوله: ("نعم صاحب المسلم ما أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل") يقول: إن من أُعطي مالًا وسلط على هلكته في الحق، فأعطى