وفيه: الحض على الاستغناء عن الناس بالصبر، والتوكل على الله، وانتظار رزق الله، وأن الصبر أفضل ما أعطيه المؤمن، وكذلك الجزاء عليه غير مقدور، ولا محدود. قال الله تعالى:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر: ١٠].
تاسعها:
في حديث أبي هريرة الحض على التعفف عن المسألة، والتنزه عنها، وأن يمتهن المرء نفسه في طلب الرزق، وإن ركب المشقة في ذَلِكَ، ولا يكون عيالًا على الناس، ولا كَلاًّ، وذلك لما يدخل على السائل من الذل في سؤاله وفي الرد إذا رد خائبًا، ولما يدخل على المسئول من الضيق في ماله إن هو أعطى لكل سائل، ولهذا المعنى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اليد العليا خير من اليد السفلى".
وكان مالك يرى ترك ما أعطى الرجل على جهة الصدقة أحب إليه من أخذه وإن لم يسأله.
عاشرها:
في حديث حكيم من الفقه أن سؤال السلطان الأعلى ليس بعار، وأن السائل إذا ألحف لا بأس برده، وموعظته، وأمره بالتعفف، وترك الحرص على (أخذه)(١)؛ كما فعل الشارع بحكيم فأنجح الله موعظته ومحا بها حرصه، فلم يرزأ أحدًا بعده، والقناعة وطلب الكفاية والإجمال في الطلب مقرون بالبركة. وأن من طلبه بالشرَهِ والحرص فلم يأخذه من حقه لم يبارك له فيه، وعوقب بأن حرم بركة ما جمع،