للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن بطال: يريد ليس المسكين المتكامل أسباب المسكنة؛ لأنه بمسألته يأتيه الكفاف والزيادة عليه فيزول عنه اسم المبالغة في المسكنة.

"وإنما المسكين" المتكامل أسباب المسكنة من لا يجد غِنًى ولا يتصدق كقوله تعالى: {لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ} [البقرة: ١٧٧] أي: ليس ذَلِكَ غاية البر لأنه لا يبلغ بر {مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ} البقرة: ١٧٧. الآية (١).

وقوله: "الأُكله والأُكلتان" قال ابن التين: ضبطه بعضهم بضم الهمزة بمعنى اللقمة، فإذا فتحها كانت المرة الواحدة. قال الكسائي: يقال في كل شيء: فعلت فعلة إلا في شيئين حججت حجة ورأيت رؤية.

ذكره الهروي. وفي "الفصيح": الأكلة: اللقمة، والأكلة بالفتح: الغداء والعشاء.

وقال صاحب "المطالع" أيضًا: هما في الحديث بالضم؛ لأنه بمعنى اللقمة، فإذا كانت بمعنى المرة الواحدة فهي بالفتح، إلا أن يكون فيها فاء فيكون مضمومًا بمعنى المأكول.

واختلف أهل اللغة في الفقير والمسكين، من هو أسوأ منهما؟

فقال ابن السكيت، وابن قتيبة: المسكين أسوأ حالًا من الفقير؛ لأنه مشتق من السكون. وهو عدم الحركة، فكأنه كالميت، فالمسكين: الذي سكن وخشع، والفقير له بعض ما يقيمه، واحتجوا بقول الراعي:

أَمَّا الفَقِيُر الذي كانَتْ حَلُوبَتُه … وَفْق العِيالِ فلم يُتْرَك له سَبَدُ (٢)


(١) "شرح ابن بطال" ٣/ ٥١٦ - ٥١٧.
(٢) "غريب ابن قتيبة" ١/ ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>