للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لمن لا تحل له الصدقة، قال بعضهم: وكل من حد من الفقهاء في الغنى حدًّا أو لم يحد فإنما هو بعد ما لا غنًى به عنه من دار تحمله ولا تفضل عنه، وخادم هو محتاج إليها، ولا فضل له من مال يتصرف فيه، ومن كان هكذا، فأجمع الفقهاء أنه يجوز له أن يأخذ من الصدقة ما يحتاج إليه.

قال الطبري: والصواب عندنا. في ذَلِكَ أن المسألة مكروهة لكل أحد إلا لمضطر يخاف على نفسه التلف بتركها، ومن بلغ حد الخوف على نفسه من الجوع، ولا سبيل إلى ما يرد به رمقه، ويقيم به نفسه إلا بالمسألة فالمسألة عليه فرض واجب؛ لأنه لا يحل له إتلاف نفسه وهو يجد السبيل إلى حياتها.

والمسألة مباحة لمن كان ذا فاقة وإن كرهناها ما وَجدَ عنها مندوحة بما يقيم به رمقه من عيش وإن ضاق، وإنما كرهناها له لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اليد العليا خير من اليد السفلى" (١)، ولا مأثم عليه إلا على سائل سأل عن غنًى متكثرًا بها فالمسألة عليه حرام.

قُلْت: وقد أسلفنا فيما مضى أقسام المسألة، فراجعه.

وأما حديث المغيرة ففيه الكتاب بالسؤال عن العلم، والجواب عنه.

وفيه: قبول خبر الواحد، وقبول الكتابة، وهو حجة في الإجازة.

وفيه: أخذ بعض الصحابة عن بعض. والمراد بـ (قيل وقال) هنا: حكايته شيء لا يعلم صحته، وأن الحاكي له يقول: قيل وقال. قاله ابن الجوزي. وعن مالك: هو الإكثار من الكلام والإرجاف نحو قول


(١) سلف برقم (١٤٢٩) كتاب: الزكاة، باب: لا صدقة إلا عن ظهر قلب، ورواه مسلم (١٠٣٣) كتاب: الزكاة، باب: بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>