للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فذهبت نفقته، له أن يأخذ من الصدقة المفروضة ما يحمله إلى بلده. فالحديث مخصوص إذن، وأنه معني به بعض المفروضة؛ ولأن الله تعالى جعل في المفروضة حقًّا لصنوف من الأغنياء كالمجاهد، والعامل، وابن السبيل العاجز حالًا، وإن كان غنيًّا ببلده. وكذا ذو المرة السوي في حال تعذر الكسب عليه جائز له الصدقة المفروضة. وأما التطوع منها ففي كل الأحوال.

وقال الطحاوي: لا تحرم الصدقة بالصحة إذا أراد بها سد فقره، وإنما تحرم عليه إذا أراد بها التكثر والاستغناء (١). يدل على ذَلِكَ حديث سمرة السالف: "المسائل كدوح" إلى آخره فأباح فيه المسألة في كل أمر لا بد من المسألة فيه. وذلك إباحة المسألة في الحاجة لا بالزمانة. وروى يحيى بن سعيد، عن مجالد، عن الشعبي، عن وهب بن خنبش قال: جاء [رجل] (٢) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف بعرفة، فسأله رداءه، فأعطاه إياه فذهب. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المسألة لا تحل إلا من فقر مدقع، أو غرم مفظع (٣)، ومن سأل الناس ليثرى به، فإنه خموش في وجهه، ورضف يأكله من جهنم، إن قليل فقليل، وإن كثير فكثير" (٤).

فأخبر في هذا الحديث أن المسألة تحل بالفقر والعدم، ولا تختلف في حال الزَّمِن والصحيح. وكانت المسألة التي أباها هي للفقير لا لغيره.

وكان بصحيح الأخبار عندنا يوجب أن من قصده - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "لا تحل


(١) "شرح معاني الآثار" ٢/ ١٨.
(٢) زيادة مسند "شرح ابن بطال" نسيها المصنف.
(٣) في الأصل: مفضع، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٤) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ٢/ ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>