للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن قلت: الحديث المذكور عام مخصوص فإن أداء الدين، ورد الودائع، والأذان، والتلاوة، والأذكار، وهداية الطريق، وإماطة الأذى عبادات، وتصح بلا نية، فتضعف دلالته حينئذ، ويخص عدم اعتبارها في الوضوء أيضًا.

فالجواب: أن ما عُدَّ وادُّعِيَ فيه الصحة بلا نية إجماعًا ممنوع حَتَى يثبت الإجماع، ولن يقدر عليه، ثم نقول: النية تلازم هذِه الأعمال، فإنَّ مؤدي الديَّن قصد براءة الذمة وذلك عبادة، وكذا الوديعة، والأذكار، والتلاوة والأذان بصورتهن عبادة، ولا ينفك تعاطيهن عن القصد، وذلك نية. ومتى خَلَوْنَ عن القصد لم يعتد بهن عبادة، والهداية والإماطة مترددة بين القربة وغيرها، وتتميز بالقصد.

تتمات تتعلق بالنية:

الأولى: لو وطئ امرأة يظنها أجنبية، فإذا هي مباحة له أَثِمَ، ولو اعتقدها زوجته أو أمته فلا إثم (١)، وكذا لو شرب مباحًا يعتقده حرامًا أَثِمَ، وبالعكس لا يأثم، ومثله: ما إذا قَتل من يعتقده معصومًا، فبان أنه مستحق دمه، أو أتلف مالًا يظنه لغيره فكان ملكه.

قال الشيخ عز الدين في "قواعده": ويجري عليه حكم الفاسق لجرأته على ربه تعالى. وأما مفاسد الآخرة فلا يعذب (تعذيبَ) (٢) زانٍ، ولا قاتلٍ ولا آكلٍ مالًا حرامًا؛ لأن عذاب الآخرة مرتب على رتب المفاسد في الغالب، كما أن ثوابها مرتب على رتب المصالح في الغالب، قال: والظاهر أنه لا يعذب تعذيبَ من ارتكب صغيرة


(١) ورد بهامش (ف): قال الخضري: إن كانت زوجته حرة؛ فالولد حر، وإلا فرقيق.
(٢) فى (ج): عذاب.