للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

- بغير همز- و (ما) بمعنى: الذي، وصِلَتُه: نوى، والعائد محذوف، أي: نواه. فإن قدرت ما مصدرية لم تحتج إلى حذف؛ إذ ما المصدرية عند سيبويه حرف، والحروف لا تعود عليها الضمائر، والتقدير: لكل امرئ نيته.

الوجه الخامس بعد العشرين:

قوله: " (وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوى"). مقتضاه أن من نوى شيئًا يحصل له، وما لم يَنْوِه لا يحصل له؛ ولهذا عظموا هذا الحديث، وجعلوه ثلث العلم، والمراد بالحصول وعدمه بالنسبة إلى الشرع، وإلا فالعمل قد حصل لكنه غير معتد به، وسياق الحديث يدل عليه بقوله: " (فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا (يُصِيبُهَا) (١) .. ") إلى آخره، فإن قلت: فما فائدة ذكر هذا بعد الأول وهو يقتضي التعميم؟

قلت: له فوائد:

الأولى: اشتراط تعيين المنوي، فمن كانت عليه مقضية لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة، بل لابد أن ينوي كونها ظهرًا أو عصرًا أو غيرهما، ولولا اللفظ الثاني لاقتضى الأول صحة النية بلا تعيين، أو أوهم ذَلِكَ، قاله الخطابى (٢).

الثانية: منع الاستنابة في النية، فإن اللفظ إنما يقتضي اشتراط النية في كل عمل، وذلك لا يقتضي منع الاستنابة في النية، إذ لو نوى واحد عن غيره صدق عليه أنه عمل بنية وذلك ممتنع، فأفاد بالثاني مَنْعَ ذلك.

وقد استثني من هذا نية الولي عن الصبي في الحج، والمسلم عن زوجته


(١) من (ج).
(٢) "أعلام الحديث" ١/ ١١٣ - ١١٤.