للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المتولون لقبض الصدقة، وأنهم لا يستحقون على قبضها جزاءً منها معلومًا سُبعا أو ثُمنا، وإنما له أجرة عمله على حسب اجتهاد الإمام.

ودلت الآية على أن لمن شغل بشيء من أعمال المسلمين أخذ الرزق على عمله ذَلِكَ كالولاة والقضاة وشبههم، وسيأتي قول من كره ذَلِكَ من السلف في باب: رزق الحكام (١) إن شاء الله تعالى.

وفيه من الفقه: جواز محاسبة المؤتمن، وأن المحاسبة تصحح أمانته، وهو أصل فعل عمر في مقاسمة العمال، وإنما فعل ذَلِكَ لما رأى ما قالوه من كثرة الأرباح، وعلم أن ذَلِكَ من أجل سلطانهم، وسلطانهم إنما كان بالمسلمين، فرأى مقاسمة أموالهم نظرًا لهم واقتداء بقوله - عليه السلام -: "أولا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وأُمَّهِ، فَيرى أيُهْدى لَهُ شيءٌ أَمْ لَا؟! " (٢).

ومعناه أنه لولا الإمارة لم يهد إليه شيء، وهذا اجتهاد من عمر، وإنما أخذ منهم ما أخذ لبيت مال المسلمين لا لنفسه.

وفيه أيضًا: أن العالم إذا رأى متاولًا أخطأ في تأويله خطأً يعم الناس ضرره، أن يعلم الناس كافة بموضع خطئه، ويعرفهم بالحجة القاطعة لتأويله، كما فعل الشارع بابن اللتبية في خطبته للناس كما أسلفناه في الجمعة. وتوبيخ المخطئ وتقديم (الأدون) (٣) إلى الإمارة والأمانة والعمل، وثمَّ من هو أعلى منه وأفقر؛ لأنه - عليه السلام - قدم ابن اللتبية، وثم من صحابته من هو أفضل منه.


(١) برقم (٧١٦٣ - ٧١٦٤) كتاب: الأحكام.
(٢) سيأتي برقم (٢٥٩٧) من حديث أبي حميد الساعدي.
(٣) في الأصل: الأدنونت. والمثبت من (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>