للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثالث بعد الثلاثين:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: ("أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا") هو بمعنى: ينكحها كما جاء في الرواية الأخرى، وقد يستعمل بمعنى الاقتران بالشيء، ومنه قوله تعالى: {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [الدخان: ٥٤]، أي: قرناهم، قاله الأكثرون. وقال مجاهد والبخاري وطائفة: أنكحناهم (١).

الرابع بعد الثلاثين:

إن قُلْتَ: كيف ذكرت المرأة مع الدنيا مع أنها داخلة فيها، فالجواب عنه من أوجه:

أحدها: أنه لا يلزم دخولها في هذِه الصيغة؛ لأن (لفظة) (٢) دنيا نكرة وهي لا تعم في الإثبات. فلا يلزم دخول المرأة فيها.

الثاني: أن هذا الحديث ورد على سبب، وهو أنه لما أُمر بالهجرة من مكة إلى المدينة تخلف جماعة عنها فذمَّهم الله تعالى بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ)} الآية [النساء: ٩٧]، ولم يهاجر جماعة لفقد استطاعتهم فَعَذَرهُم واسْتَثْنَاهُم بقوله: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ} [النساء: ٩٨]، الآية، وهاجر المخلصون إليه، فمدحهم في غير ما موضع من كتابه، وكالت في المهاجرين جماعة خالفت نيتهم نية المخلصين، منهم من كانت نيته تزوج امرأة كانت بالمدينة من المهاجرين يقال لها: أم قيس (٣)، وادعى ابن دحية: أن اسمها قيلة،


(١) رواه الطبري في "تفسيره" ١١/ ٢٤٨، ٢٤٩ (٣١١٧٦).
(٢) في (ج): لفظ.
(٣) رواه الطبراني في "الكبير" ٩/ ١٠٣ (٨٥٤٠) من طريق سعيد بن منصور، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" ١٦/ ١٢٦، والذهبي في "السير" ١٠/ ٥٩٠، قال الهيثمي في "المجمع" ١٠١/ ٢ (٢٥٨٠): رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله رجال الصحيح. اهـ. =