للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثامن بعد الثلاثين:

هذا الحديث عظيم الموقع كثير الفائدة أصل من أصول الدين، قَالَ أبو داود: إنه نصف الفقه، وقال الشافعي فيما رواه البويطي عنه: يدخل في هذا الباب ثلث العلم (١)، وقال في رواية الربيع: هذا الحديث ثلث العلم؛ وسببه كما قَالَ البيهقي وغيره أن كسب العبد بقلبه ولسانه وجوارحه، فالنية أحد أقسامها الثلاث وأرجحها؛ لأنها تكون عبادة بانفرادها بخلاف القسمين الآخرين؛ ولأن القول والعمل يدخلهما الفساد بالرياء ونحوه بخلاف النية (٢)، فهذا الحديث يتضمن النية، وحديث: "من حسن إسلام المرء" يتضمن القول، وحديث: "الحلال بين" (٣) يتضمن العمل فكمل بالمجموع الإسلام؛ لأنه قول وعمل ونية، وقال عبد الرحمن بن مهدي: يدخل هذا الحديث في ثلاثين بابًا من الإرادات والنيات.

وقال أبو عبيد: ليس شيء من أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث أجمع وأغنى وأكثر فائدة وأبلغ من هذا الحديث. وقال البخاري في "صحيحه" في أواخر الإيمان فدخل فيه الإيمان والوضوء والصلاة والزكاة والحج والصوم والأحكام. وقال ابن دحية: لم أجد فيما أرويه من الدينيات أنفع من قوله: ("إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ")، إذ مدار العلم عليه، وهو نور يسعى بين يديه.

(قُلْتُ:) (٤) وقول إمامنا الشافعي السالف: إن هذا الحديث يدخل في سبعين بابًا من الفقه، مراده الأبواب الكلية كالطهارة بأنواعها


(١) رواه البيهقي في "الكبرى" ٢/ ١٤.
(٢) "السنن الصغرى" للبيهقي ١/ ٢٠.
(٣) سبق تخريج الحديثين.
(٤) ساقطة من (ج).