للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

استحضارها عند إرادة الأكل والشرب والنوم ويقصد بها التقوِّي عَلَى الطاعة، وإراحة البدن لينشط لها، وكذا إِذَا جامع موطوءته بقصد المعاشرة بالمعروف وإيصالها حقها، وتحصيل ولد صالح يعبد الله تعالى، وإعفاف الزوجة، وإعفاف نفسه وصيانتها، من التطلع إلى حرام أو الفكر فيه أو مكابدة المشاق بالصبر، وهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وفي بضع أحدكم صدقة" (١)، وكذا ينبغي لمن عمل حرفة للمسلمين مما هو فرض كفاية أن يقصد إقامة فرض الكفاية ونفع المسلمين، كالزراعة وغيرها من الحرف التي هي قوام عيش المسلمين.

والضابط لحصول النية أنه متى قصد بالعمل امتثال أمر الشرع وبتركه الانتهاء بنهي الشرع كانت حاصلة مثابًا عليها وإلا فلا، وإن لم يقصد ذَلِكَ كان عملًا بهيميًّا، ولهذا قَالَ السلف: الأعمال البهيمية ما عملت بغير نية (٢).

الوجه التاسع بعد الثلاثين:

هذا الحديث من أجل أعمال القلوب والطاعة المتعلقة بها وعليه مدارها، وهو قاعدتها، فهو قاعدة الدين لتضمنه حكم النيات التي محلها القلب بخلاف الذكر الذي محله اللسان، ولهذا لو نوى الصلاة بلسانه دون قلبه لم يصح، ولو قرأ الفاتحة بقلبه دون لسانه لم


(١) رواه مسلم (١٠٠٦) كتاب: الزكاة، باب: بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، والبخاري في "الأدب المفرد"، (٢٢٧)، والترمذي (١٩٥٦)، وابن حبان (٥٢٩)، كلهم عن أبي ذر.
(٢) قلت: ومصداق هذا ما قاله بعض العلماء من أن الله لو كلفنا عملًا بلا نية لكلفنا ما لا يطاق، والله أعلم.