للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال غيره: أقل الأحوال في ذَلِكَ سقوط الاحتجاج بما صح فيه التعارض، والرجوع إلى قوله -عز وجل-: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لِلَّهِ} وأجمعوا على الخائف لقرب عرفة أنه لا يحل له رفض العمرة، فكذلك من خاف فوت عرفة؛ لأنه يمكنه إدخال الحج على العمرة، ويكون قارنًا فلا وجه لرفض العمرة في شيء من النظر.

قال ابن أبي صفرة: ولو ثبت قوله: "دعي العمرة" لكان له تأويل سائغ، فيكون معنى قوله: أهلي بالحج الذي أنت فيه أي: استديمي ما أنت عليه، ودعي العمرة التي أردت أن تفسخ حجك فيها، لأنها إنما طهرت بمنى وقد رهقها الوقوف بعرفة.

وهذا أصل في المراهق أن له تأخير طواف الورود. ومما يوهن رواية عروة ما رواه حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه قال: حَدَّثَني غير واحد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "دعي عمرتك"، فدل أن عروة لم يسمعه من عائشة، وهذا قد أسلفناه. ولو ثبت قوله: "انقضي رأسك، وامتشطي" لما نافي ذَلِكَ إحرامها ولجبرته بالفدية كما أمر - عليه السلام - كعب بن عجرة بالحلق والفدية لما بلغ به أذى القمل، فيكون أمره لها بنقضها رأسها وامتشاطها؛ لضرورة كانت بها مع الفدية، هذا سائغ ومحتمل، فلا تعارض به الأصول.

وقد يمكن أن يكون أمره بغسل رأسها وإن كانت حائضًا لا يجب عليها غسله، ولا نقضه لتغتسل للإهلال بالحج، وذلك من سنة الحائض والنفساء كما أمر - عليه السلام - أسماء بنت عميس حين ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء بالاغتسال والإهلال (١). لا سيما إن كانت


(١) رواه مسلم (١٢٠٩ - ١٢١٠، ١٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>