للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن بطال: فيقال له: قد أجمعوا أن من صلى قبل الزوال أربعًا، إن نوى به الظهر أنها لا تجزئه، وهي تطوع، فكذا الحج (١).

قُلْتُ: هذا لا يقال لمثل هذا الإمام، فإن الحج لا يقاس عليه.

وقال ابن المنير في "تراجمه": كأن البخاري لما لم ير إحرام التقليد ولا الإحرام المطلق ثم تعين بعد ذَلِكَ، أشار في الترجمة بقوله: باب: من أهل في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كإهلاله، إلى أن هذا خاص بذلك الزمن، فليس لأحد أن يحرم بما أحرم به فلان، بل لا بد أن يعين العبادة التي نواها ودعت الحاجة إلى الإطلاق، والحوالة على إحرامه - عليه السلام -؛ لأن عليًّا وأبا موسى لم يكن عندهما أصل يرجعان إليه في كيفية الإحرام، فأحالا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما الآن فقد استقرت الأحكام، وعرفت مراتب كيفيات الإحرام، ومذهب مالك على الصحيح جواز ذَلِكَ، وأنه ليس خاصًا بذلك الزمن (٢).

ثم اعلم أن حديث أنس موافق لرأي الجماعة في إفراده - عليه السلام -.

قال المهلب: ويردُّ وهْمَ أنس أنه - عليه السلام - قرن، واتفاقه مع الجماعة أولى بالاتباع بما انفرد به وخالفهم فيه،. فتسويغ الشارع لنفسه: "لولا الهدي" يدل أنه كان مفردًا؛ لأنه لا يجوز للقارن الإهلال، حتى يفرغ من الحج؛ وأما قوله - عليه السلام -: "لولا أني سقت الهدي لأحللت" والمفرد لا يحل اليوم سواء كان معه هدي أو لم يكن، فإن معنى: "لأحللت": لفسخت الحج في العمرة؛ لأن الفسخ كان مباحًا حينئذ


(١) "شرح ابن بطال" ٤/ ٢٣٤.
(٢) انتهى كلام ابن المنير من "المتواري على تراجم أبواب البخاري" ص ١٣٦.
وينظر لمذهب مالك: "التفريع" ١/ ٣١٥، و"عيون المجالس" ٢/ ٧٦٩، و"مواهب الجليل" ٣/ ٤٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>