للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المقبل مشرك (١)، فأنزل الله تعالى: {إِنَّمَا اَلمُشرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨]، وكان المشركون يوافون بالتجارة، فقال تعالى: {وَإِن خِفتُم عَيْلَة} [التوبة: ٢٨] الآية، ثم أحل في الآية التي فيها تتبعنا الجزية، ولم تؤخذ قبل ذَلِكَ فجعله عوضًا مما منعهم من موافاة المشركين بتجاراتهم فقال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِاليَوْمِ الآخِرِ} [التوبة: ٢٩] الآية، فلما أحل الله ذَلِكَ للمسلمين علموا أنه قد عاضهم أفضل مما خافوا، ووجدوا عليه مما كان المشركون يوافون به من التجارة. وقد سلف فقه الباب هناك، وأنه حجة لاشتراط ستر العورة في الطواف.

قَالَ السهيلي: كان سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم من تبوك أراد الحج، فذكر مخالطة المشركين للناس في حجهم، وتلبيتهم بالشرك، وطوافهم عراة بالبيت. وكانوا يقصدون بذلك أن يطوفوا كما وُلدِوا بغير الثياب التي أذنبوا فيها وظلموا، فأمسك عن الحج في ذَلِكَ العام، وبعث أبا بكر بسورة براءة لينبذ إلى كل ذي عهد عهده من المشركين إلا بعض بني بكر الذين كان لهم عهد إلى أجل خاص، ثم أردف بعلي فرجع أبو بكر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: هل أُنزل في قرآن؟ قَالَ: "لا، ولكن أردت أن يبلغ عني من هو من أهل بيتي". قَالَ أبو هريرة: فأمرني علي أن أطوف في المنازل من منى ببراءة، فكنتُ أصيح حَتَّى ضحل حلقي فقلتُ له: بم كنت تنادي؟ قَالَ: بأربع: أن لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأن لا يحج بعد العام مشرك، وأن لا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عهد فله أجل أربعة أشهر، ثم لا عهد له، وكان المشركون إذا سمعوا النداء ببراءة يقولون لعلي:


(١) سيأتي برقم (٣١٧٧) باب: كيف ينبذ إلى أهل العهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>