للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منا المهل فلا ينكر عليه ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه) (١).

والذي مضى عليه جمهور العلماء من الصحابة وأهل المدينة اختيار قطعها عند الرواح إلى عرفة، كما حكاه ابن أبي صفرة؛ لأنهم فهموا (٢) أن تعجيل قطعها وتأخيرها عَلَى الإباحة، يدل عَلَى ذَلِكَ ترك إنكار بعضهم عَلَى بعض، وهم فهموا السنن وتلقوها (٣)، فوجب الاقتداء بهم في اختيارهم لأنا أمرنا باتباعهم.

وقال الطحاوي: لا حجة لكم في هذا الحديث؛ لأن بعضهم كان يهل، وبعضهم كان يكبر، ولا يمنع أن يكونوا فعلوا ذَلِكَ ولهم أن يلبوا؛ لأن الحاج فيما قبل يوم عرفة له أن يكبر، وله أن يهل، وله أن يُلبي فلم يكن تكبيره وإهلاله يمنعانه من التلبية (٤). وقال المهلب: وجه قطع التلبية عند الرواح إلى الموقف من يوم عرفة؛ لأنه آخر السفر، وإليه منتهى الحاج وما بعد ذَلِكَ فهو رجوع. فالتكبير فيه أولى، لقوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} إلى قوله: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ}، وقال تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} فدل هذا عَلَى أن التكبير والدعاء لله عند المشعر الحرام وأيام منى أولى من التلبية؛ لأن معناها الإجابة، وإذا بلغ موضع النداء قطع التلبية، وأخذ في الدعاء، وسأل حاجاته، وسيأتي اختلافهم في قطع


(١) من (ج).
(٢) في (ج): (زعموا).
(٣) في (ج): (نقلوها).
(٤) القول ليس للطحاوي رحمه الله بل نقله عن آخرين. يقول الطحاوي: واختلفوا في قطعه للتلبية متى ينبغي أن يكون؛ فقال قوم: … ، وقالوا: لا حجة لكم في هذِه الآثار التي احتججتم بها علينا … إلخ. "شرح معاني الآثار" ٢/ ٢٢٣ - ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>