بفعله - عليه السلام -، وهي أعلم الناس بذلك، وما روته في ذَلِكَ يجب أن يصار إليه، ولعل ابن عباس رجع عن مقالته إن كان بلغه قولها فقد رجع عن مسائل حين أعلم بما جاء فيها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالمتعة، ونحو التفاضل بين الذهبين والفضتين.
وقولها:(ليس كما قال ابن عباس) ردٌّ لقوله وإظهار لمخالفته، واحتجت على ذَلِكَ بفعل الشارع، وأعلمته أنها المباشرة له، وذلك يؤكد معرفتها به؛ لأن الراوي إذا باشر القصة رجحت روايته على رواية من لم يباشرها.
وقولها:(ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَهِ) يحتمل أن تكون أرادت بذلك تبيين حفظها الأثر ومعرفتها من تناول كل شيء منه، ويدل على ذَلِكَ اهتمامها بهذا الأمر، ومعرفتها به، ويحتمل أنها أرادت أنه تناول ذَلِكَ بنفسه، وعلم وقت التقليد، لئلا يظن أحد أنه استباح محظور الإحرام بعد تقليد هديه، وقبل علمه، بل أقدم على ذَلِكَ مع علمه.
وقولها:(ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي) تريد عام تسع، وابن عباس كان صغيرًا لم يشاهد من أفعاله - عليه السلام - إلا أواخرها بخلافها؛ فإنها رفعت الإشكال. ثم اعلم أن الداودي أورد حديث ابن المسيب، عن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من أراد أن يُضحي فلا يمس من ظفره وشعره شيئًا" ثم قال: وإلى هذا ذهب ابن عباس قال: وقيل: إن ابن المسيب لم يسمعه من أم سلمة بينهما عمرو بن الحارث، قال: فإن لم يكن أحدهما محفوظًا فأحد الحديثين ناسخ للآخر.