للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أتى البخاري بالمتابعة، وسعيد: هو ابن أبي هلال، وطواف الوداع لكل حاج ومعتمر غير المكي من شعار الحج. قال مالك: وإنما أمر الناس أن يكون آخر نسكهم الطواف بالبيت؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ} [الحج: ٣٢]، وقال: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ} [الحج: ٣٣] فمحل الشعائر كلها وانقضاؤها بالبيت العتيق، قال: ومن أخَّر طواف الإفاضة إلى أيام منى فإن له سعة أن يصدر إلى بلده، وإن لم يطف بالبيت إذا أفاض.

واختلفوا فيمن خرج ولم يطف للوداع على قولين في وجوبه قال مالك: إن كان قريبًا رجع فطاف، وإن لم يرجع فلا شيء عليه، وقال عطاء، والثوري، وأبو حنيفة، والشافعي -في أظهر قوليه- وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور: إن كان قريبًا رجع فطاف، وإن تباعد مضى وأهراق دمًا (١). وأغرب ابن التين فحكى عن بعض الشافعية، وبعض الحنفية وجوبه، ومشهور قولي الشافعي هو الوجوب؛ حجتهم قول ابن عباس: من نسي من نسكه شيئًا فليهرق دمًا (٢)، والطواف نسك؛ وحجة مالك أنه طواف يسقط على المكي والحائض، فليس من السنن اللازمة والذمة بريئة بيقين، وسيأتي شيء من هذا المعنى في الباب بعد.

واختلفوا في حد القرب، فروي أن عمر رد رجلًا من مر الظهران لم يكن ودع (٣)، وبين مر الظهران ومكة ستة عشر ميلًا، وهذا بعيد عند


(١) انظر: "المغني" ٥/ ٣٣٨.
(٢) رواه مالك في "الموطأ" ص ٢٧٠ من رواية يحيى كتاب: الحج باب: من نسي من نسكه شيئًا، والدارقطني في "السنن" ٢/ ٢٤٤ (٢٥٠٣).
(٣) رواه مالك ص ٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>