للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: "ولكن جهاد ونية". أي: إنما عليكم ذَلِكَ، لكن كلمة الله هي العليا، ثم بينه بقوله: "وإذا استنفرتم فانفروا" يريد: أن الجهاد بعد الفتح على الذين قال الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ} [التوبة: ١٢٣] فإذا استنفر الإمام الناس ليتقوى بهم فلينفروا؛ وكذلك إن خشي من يلي الكفار عليهم فيجب على من يليهم النفر إليهم.

وقوله: ("هذا بلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض") يعني: كما حرمت المشهور الأربعة يوم ذاك فحرم مكة يومئذٍ كما حرم المشهور، وسبق ذَلِكَ في علمه.

والقين: الحداد هنا.

وفيه وما قبله البيان الواضح أن صيد الحرم حرام واصطياده، وذلك لأنه - عليه السلام - نهى عن تنفيره، فاصطياده أوكد في التحريم من تنفيره، فإذا نفره وأداه إلى هلاكه فعليه الجزاء، وإلا فلا شيء عليه غير التوبة، ولا خلاف في هذا بين الفقهاء.

وقد روي عن عطاء: أنه من أخذ طائرًا في الحرم ثم أرسله، قال: يطعم شيئًا لما نفره (١)، وقد روي عن عمر: أنه لا شيء في التنفير، وروى شعبة عن الحكم عن شيخ من أهل مكة: أن حمامًا كان على البيت فذرق على يد عمر فأشار عمر بيده، فطار فوقع على بعض بيوت مكة، فجاءت حية فأكلته، فحكم عمر على نفسه بشاة (٢)، فلم


(١) رواه عبد الرزاق ٤/ ٤٤٠ (٨٣٦٦).
(٢) رواه ابن أبي شيبة ٣/ ١٧٣ (١٣٢١٩) كتاب: الحج، في الرجل يصيب الطير من حمام مكة، والفاكهي في "أخبار مكة" ٣/ ٣٨٣ - ٣٨٤ (٢٢٦١)، وقد رواه عبد الرزاق في "المصنف" ٤/ ٤١٥ (٨٢٦٨) كتاب: الحج، باب: الحمام وغيره من الطير يقتله المحرم، من طريق معمر عن جابر عن الحكم بن عتيبة، فذكره بلفظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>