للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بقولها: فحمي تتميمًا منها للتمثيل الذي مثلت به أولًا، وهو كونها جعلت الرؤيا كمثل فلق الصبح؛ فإن الضوء لا يشتد إلا مع قوة الحر وألحقت ذَلِكَ بقولها: وتتابع، لئلا يقع التمثيل بالشمس من كل الجهات؛ لأن الشمس يلحقها الأفول والكسوف ونحوهما وشمس الشريعة باقية عَلَى حالها لا يلحقها نقص.

السابع: قوله: ("فَإِذَا المَلَكُ الذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ") الكرسي معروف، وضَمُّ كافِهِ أفصح، والأشهر من كسرها، وجمعه: كراسي بتشديد الياء وتخفيفها لغتان، وكذا كل ما كان من هذا النحو مفرده مشددًا جاز في جمعه التشديد والتخفيف كسرية وعارية ونظائرهما، كما نبه عليه ابن السكيت (١) في "إصلاحه"، ورواية العرش التي أسلفناها في أواخر الحديث الذي قبله يفسرها الكرسي المذكور.

وقال أهل اللغة: العرش: السرير، وقال الماوردي في "تفسيره": أصل الكرسي: العلم، ومنه قيل للصحيفة يكون فيها علم: كراسة (٢).

وقيل في قوله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ} [البقرة: ٢٥٥]، أي: علمه (٣)، من


(١) هو شيخ العربية، أبو يوسف، يعقوب بن إسحاق بن السكيت البغدادي النحوي المؤدب، له كتاب "إصلاح المنطق" ديِّن خَيِّرٍ، حجة في العربية، وله من التصانيف نحو من عشرين كتابًا. انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد" ١٤/ ٢٧٣، "وفيات الأعيان" ٦/ ٣٩٥، "سير أعلام النبلاء" ١٢/ ١٦ (٢)، "شذرات الذهب" ٢/ ١٠٦.
(٢) "تفسير الماوردي" ١/ ٣٢٥.
(٣) رواه ابن جرير في "تفسيره" ٣/ ١١ (٥٧٨٨)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ٢/ ٤٩٠ - ٤٩١ (٢٥٩٩)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ١/ ٣٠٨ - ٣٠٩ (٢٣٣)، من طريق جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: =