وفيه تأويل آخر أنه عَلَى المجاز، ويكون فتح أبواب الجنة المراد
بها: ما فتح الله عَلَى العباد فيه من الأعمال المستوجبة بها الجنة من الصيام والصلاة والتلاوة، وأن الطريق إلى الجنة في رمضان سهل، والأعمال فيه أسرع إلى القبول، وكذلك أبواب النار تغلق بما قطع عنهم من المعاصي وترك الأعمال المستوجبة بها النار، ولقلة ما يؤاخذ الله العباد بأعمالهم السيئة، ليستنقذ منها ببركة الشهر قومًا، ويهب المسيء للمحسن، ويتجاوز عن السيئات، فهذا معنى الغلق، وكذلك "سُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ" يعني: اللهُ يعصم فيه المسلمين أو أكثرهم في الأغلب عن المعاصي والميل إلى وسوسة الشيطان وغرورهم. وجاء في رواية أخرى:"وصفدت الشياطين"(١) والتصفيد: جعل الغل في العنق، ويكون ذَلِكَ علامة لدخول الشهر وتعظيم حرمته.
وقال القرطبي: معناه أن الجنة تفتح وتزخرف لمن مات في رمضان لفضيلة هذِه العبادة الواقعة فيه، وتغلق عنهم أبواب النار فلا يدخلها منهم أحد مات فيه، وتصفيد الشياطين لئلا تفسد عَلَى الصائمين.
وأما الاعتراض بأنا قد نرى الشر والمعاصي تقع في رمضان كثيرًا فجوابه من وجوه:
أحدها: أنها تُغَلَّ عن الصائمين في الصوم الذي حوفظ عَلَى شروطه بخلاف غيره.
ثانيها: أن الشر واقع من غيرهم كالنفس الخبيثة والعادات الركيكة والشياطين الإنسية.